النظام الرئاسي الذي يتضمن رئيس وزراء أو حكومة هو نظام فاشل للأسباب التالية:
1. عبء مالي زائد: هذا النظام يتطلب تخصيص ميزانيتين منفصلتين، واحدة للرئاسة وأخرى للحكومة، مما يزيد من الأعباء المالية على الدولة.
2. تهرب الرئيس من المسؤولية: يسمح هذا النظام للرئيس بالاختباء وراء رئيس الوزراء أو الحكومة، مما يمكنه من التنصل من مسؤولياته المباشرة في إدارة شؤون البلاد.
3. ضعف دقة المعلومات: بما أن الرئيس لا يترأس مجلس الوزراء بنفسه، فإن المعلومات تصل إليه بطريقة غير مباشرة، عبر مستشاريه أو رئيس الوزراء، وهو ما يُعرف بالفرنسية بـ téléphone arabe (الهاتف العربي). هذا الأمر يجعل المعلومات عرضة للتأويل والتحريف، مما يقلل من دقتها.
4. غياب نائب الرئيس يُهدد استقرار الحكم: في النظام الرئاسي، يعد نائب الرئيس عنصرًا أساسياً يضمن استمرارية الحكم. فعندما يختار الرئيس نائبًا يثق به، يضمن بذلك انتقالاً سلسًا للسلطة في حال وفاته أو مرضه، مما يعزز استقرار الدولة.
مقترح دستوري: نظام رئاسي ديمقراطي قائم على الشفافية والمبادرة الشعبية
نظرًا لتكرار الأزمات السياسية في تونس، وتعطّل دواليب الدولة بسبب الغموض في توزيع الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وما نتج عن ذلك من تهرب من المسؤولية، وغياب الفعالية، وتضخّم في التكاليف، يُقترح إرساء نظام رئاسي ديمقراطي صريح، يُلغي منصب رئيس الحكومة نهائيًا، ويُسند السلطة التنفيذية مباشرة إلى رئيس الجمهورية، الذي يترأس بنفسه مجلس الوزراء، بمساعدة نائب رئيس منتخب.
هذا النظام مستوحى من النموذج الأمريكي مع إدخال عناصر من الديمقراطية المباشرة على غرار التجربة السويسرية، ويهدف إلى ضمان استقرار الحكم، وفعالية القرار، والمحاسبة المباشرة، دون وساطات أو واجهات شكلية.
—
الباب الأول: طبيعة النظام الرئاسي وتوزيع السلطة التنفيذية
الفصل 1: نظام رئاسي مباشر دون رئيس حكومة
• الجمهورية تقوم على نظام رئاسي ديمقراطي، تكون فيه السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب.
• يُلغى منصب رئيس الحكومة أو الوزير الأول نهائيًا، ويترأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء مباشرة.
• يُنتخب نائب رئيس الجمهورية على نفس البطاقة الانتخابية، ويخلف الرئيس مؤقتًا في حال الوفاة أو العجز أو الاستقالة.
• لا يُمكن لنائب الرئيس تولي الصلاحيات الكاملة إلا بعد مصادقة المحكمة الدستورية في الحالات المنصوص عليها.
—
الباب الثاني: شروط الترشح لرئاسة الجمهورية
الفصل 2: الشفافية الصحية والمالية و النزاهة القضائية
• يُلزم كل مترشح لرئاسة الجمهورية بتقديم ملف طبي شامل يُعرض على هيئة طبية مستقلة، للتأكد من أهليته البدنية والعقلية.
• يُلزم بتقديم تصريح ضريبي رسمي عن ثروته وأملاكه، صادر عن الدولة التي يُقيم بها أو راكم فيها أمواله، ويُنشر للعموم.
يجب أن يكون سجل المترشح العدلي خاليًا من أي جريمة من جرائم الحق العام، سواء داخل البلاد أو خارجها، ويُرفق بالترشح مستخرج رسمي من سجله العدلي مصادق عليه من الجهات المختصة.
—
الباب الثالث: تحديد العهدات وصلاحيات الطوارئ
الفصل 3: تحديد عدد العهدات
• لا يمكن لأي رئيس أن يتولى الحكم لأكثر من عهدتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين.
الفصل 4: الدعوة إلى انتخابات مبكرة
• للرئيس الحق مرة واحدة فقط خلال عهدته في الدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة.
• للبرلمان، بأغلبية مطلقة، الحق مرة واحدة خلال المدة النيابية في الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
—
الباب الرابع: التفاعل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
الفصل 4 مكرر: إقالة رئيس الجمهورية من قبل البرلمان
• يمكن للبرلمان، بأغلبية الثلثين من أعضائه، التصويت على إقالة رئيس الجمهورية في حال ارتكابه خرقًا جسيمًا للدستور، أو تجاوز واضح لصلاحياته، أو ثبوت الفساد المالي أو الإداري.
• تُحال لائحة الإقالة إلى المحكمة الدستورية للبَتّ النهائي في شرعيتها في ظرف لا يتجاوز 15 يومًا.
• إذا صادقت المحكمة الدستورية على القرار، تُنظّم انتخابات رئاسية مبكرة خلال 90 يومًا، ويتولى نائب الرئيس تسيير شؤون الدولة إلى حين انتخاب رئيس جديد.
الفصل 5: آلية الاستفتاء المالي
• إذا رفض البرلمان مشروع قانون المالية مرتين متتاليتين دون تقديم بديل واضح، يمكن لرئيس الجمهورية عرض المشروع على استفتاء شعبي للفصل فيه.
—
الباب الخامس: المبادرة الشعبية كوسيلة رقابة ديمقراطية
الفصل 6: آلية الانتخابات المبكرة بطلب شعبي
• يُمنح الشعب الحق، عبر جمع 350 ألف توقيع موثَّق، في طلب إجراء استفتاء رقمي يُطرح فيه السؤال حول الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة من عدمها، وذلك لمرة واحدة فقط خلال العهدة الرئاسية.
—
الخاتمة:
إن بناء ديمقراطية مستقرة في تونس لا يكون بتكرار النماذج الفاشلة، بل بإرساء نظام رئاسي ديمقراطي واضح الصلاحيات، مباشر المحاسبة، مدعوم بالمبادرة الشعبية والرقابة المجتمعية.
هذا النظام يُنهي ازدواجية السلطة التنفيذية، ويُعيد السلطة إلى يد الشعب، من خلال رئيس يتحمل المسؤولية الكاملة، ويُحاسب مباشرة أمام الأمة.
الديمقراطية لا تكتمل فقط بالانتخابات، بل بالشفافية، والمراجعة المستمرة، وآليات التعديل الذاتي.


تعليقات
0