🧠 الدين والعقل: نحو شراكة بين رجال الدين والأطباء النفسيين
في مجتمعاتنا التي تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، ظهرت الحاجة الملحة إلى حلول نفسية وروحية تساعد الأفراد على تجاوز الألم، وتعيد إليهم التوازن والطمأنينة. لكن المفارقة أن هذه الحلول تأتي من مصدرين غالبًا ما يُظن أنهما متناقضان: الطب النفسي والخطاب الديني.
👳♂️ رجل الدين والطبيب النفسي: أعداء أم حلفاء؟
نحن أمام نموذجين:
الأول، العقلاني اللا ديني، يؤمن بالعلم فقط ويعتمد على الحجج التجريبية.
الثاني، العقلاني المتدين، يؤمن بالدين لكنه لا يضع النص فوق العقل، بل يراعي الواقع والمنطق.
في المقابل، هناك من يلجؤون لحل مشاكلهم النفسية عبر الطبيب النفسي، وهناك من يلجؤون إلى الشيخ أو رجل الدين.
الغريب أن كليهما قد ينجح أو يفشل. الطبيب قد يساعدك أو يُسيء فهم حالتك، والشيخ قد يرشدك إلى الصواب أو يغرقك في وهم الشعوذة. لكن حين يعملان معًا بتكامل، يمكن أن يحدث تغيير حقيقي.
💡 الفكرة الجوهرية: شراكة بدل صراع
من هنا تنبع الفكرة: بدل أن نقفز إلى اتهام رجال الدين بالتخلف أو اتهام الأطباء النفسيين بالإلحاد، لِمَ لا نبني جسرًا بين الاثنين؟
فكر في شاب فقير، يعاني من اكتئاب أو وسواس، وليس لديه قدرة على زيارة طبيب نفسي. لكنه يذهب للجامع ويجد شيخًا مدربًا، ليس فقط في الفقه، بل لديه أيضًا تكوين نفسي علمي. هذا الشيخ لا يكتفي بالوعظ، بل يعرف متى يحيل الحالة إلى الطبيب، ويعرف أيضًا كيف يدعم المريض نفسانيًا وروحيًا في آنٍ معًا.
🕌 دور الخطاب الديني: محاور محددة وواضحة
لتحقيق هذا الهدف، يجب أن نُعيد صياغة الخطاب الديني، خصوصًا في خطب الجمعة، وفق ثلاث محاور:
1. المسؤولية العائلية: دعوة الرجال للاهتمام بعائلاتهم، ليس فقط ماديًا، بل عاطفيًا وتربويًا.
2. الاحترام الاجتماعي: تعزيز ثقافة الاحترام بين الناس، داخل العائلة وخارجها، مع الجيران، الزملاء، وكل مكونات المجتمع.
3. الوعي النفسي: توعية الناس بأن الأمراض النفسية ليست عيبًا، وأن طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل شجاعة.
📜 مقترح قانوني (باللهجة السورية)
عنوان المقترح: قانون التأهيل النفسي لرجال الدين
> المادة الأولى: يُحدث برنامج وطني بالتعاون بين وزارة الأوقاف ووزارة الصحة، بيهدف لتدريب رجال الدين وطلاب الشريعة على أساسيات الطب النفسي.
> المادة الثانية: البرنامج يتكون من دراسة أكاديمية لمدة سنتين، تشمل:
مبادئ علم النفس الحديث.
مهارات الاستماع والدعم النفسي الأولي.
التعرف على الأعراض النفسية التي تستدعي الإحالة لطبيب مختص.
تدريب عملي بالمراكز والمستشفيات النفسية.
> المادة الثالثة: بعد إنهاء التدريب، يحصل الشخص على رخصة مرشد نفسي ديني، تخوله العمل في الجوامع، المراكز المجتمعية، وحتى المستشفيات، بشرط التنسيق مع الأطباء النفسيين.
> المادة الرابعة: يُشجع استخدام هذا الإطار بالتوعية عبر خطب الجمعة، البرامج التلفزيونية، وحملات التثقيف الصحي، بهدف تقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية.
تعليقات
0