اعتبارًا للتحولات الاجتماعية والقيمية التي يشهدها المجتمع التونسي، وحرصًا على ترسيخ مبدأ الحرية الشخصية والمسؤولية المشتركة، وإيمانًا بأن الاستقرار الأسري لا يمكن أن يُفرض بنمط واحد، بل يجب أن ينبني على التعاقد والاختيار الواعي، يُقترح تضمين الدستور مبدأ حرية الزوجين في اختيار النظام الأسري والقانوني الذي يحكم علاقتهما عند الزواج، بما يشمل نظام الملكية، النفقة، الحضانة، والوراثة، مع الحفاظ على وحدة الأسرة ومصلحة الطفل الفضلى.
وقد استلهم هذا المقترح من التجربة الإندونيسية التي تتيح للزوجين اختيار النظام الذي يناسبهما قانونيًا، ويُدرج هذا الحق ضمن الوثيقة الرسمية للزواج، مما أسهم في تخفيف النزاعات وتعزيز المسؤولية المشتركة بين الطرفين.
كما أُقرّ بوعي بأن موضوع مجلة الأحوال الشخصية سيظل يُطرح في كل مرحلة، مهما كان السياق الاقتصادي أو الأمني للبلاد، وذلك لأسباب عميقة تتعلق بتطوّر المجتمع واحتكاكه اليومي بالقانون. لذا، لا يجب التهرب من هذا النقاش، بل تأطيره في صيغة تشاركية تكرّس مبدأ الحرية مع احترام التعدد والاختيار، وتمنح كل طرف حقه الكامل في بناء علاقة زوجية عادلة وشفافة منذ البداية.
الفصل الأول – حرية اختيار النظام الأسري عند الزواج
• يتمتع الزوجان، عند إبرام عقد الزواج، بحرية اختيار أحد النظامين التاليين:
• النظام القانوني التونسي التقليدي كما هو منصوص عليه في مجلة الأحوال الشخصية.
• النظام التونسي المعدَّل كما يُبين في هذا القانون.
• يكون الاختيار نهائيًا وكليًا: أي أن كل نظام يُعتمد بكامل فصوله وأحكامه دون مزج بين النظامين أو تعديل جزئي.
• تُواصل جميع القوانين المنصوص عليها في مجلة الأحوال الشخصية سريانها على من اختار النظام التقليدي، وكذلك على من اختار النظام المعدل فيما لم يتم التنصيص على تعديله صراحة في هذا النص.
الفصل الثاني – النظام التونسي المعدّل
يُطبق هذا النظام في حال اختاره الزوجان باتفاق موثّق، ويشمل المبادئ التالية:
1. المساواة في الإرث بين الأبناء
يُقرّ مبدأ المساواة التامة في الإرث بين الأبناء دون تمييز على أساس الجنس.
2. الاستقلال الاقتصادي بين الزوجين
لا يُلزم الزوج قانونًا بالإنفاق على زوجته، إلا إذا نص العقد على غير ذلك.
3. حق الاشتراك في الحضانة
• تُمنح الحضانة بالتساوي بين الأب والأم إذا ثبتت أهليتهما، دون تمييز مسبق.
• في حالة اعتماد الحضانة المشتركة، لا يُلزم الأب بدفع نفقة الأبناء للأم، ويتم تقاسم المسؤوليات والنفقات بالتوافق أو بحكم قضائي.
4. إلغاء القيود التمييزية على الحضانة
• لا يُشترط وجود أنثى في بيت الأب الحاضن.
• لا تُمنع الأم من الحضانة إذا تزوجت من رجل آخر، ما لم يثبت ضرر واضح بالمحضون.
الفصل الثالث – الحماية القانونية وحق الرجوع
• يُدوَّن اختيار النظام في عقد الزواج ويوثّق قانونيًا.
• لا يمكن تغيير النظام المختار إلا بموافقة الطرفين وبقرار قضائي يراعي مصلحة الأطفال إن وُجدوا.
• تلتزم الدولة بتوفير إطار قانوني واضح لتنفيذ أحكام هذا النص، وتحديث الإجراءات الإدارية لتوثيق الاختيار ومتابعته.
خاتمة
يمثل هذا المقترح خطوة إصلاحية متقدمة، تُكرّس مبدأ الحرية والعدالة داخل الأسرة، وتمنح المواطنين حقّ تقرير مصيرهم الأسري بناءً على قناعاتهم، في انسجام مع تطور المجتمع التونسي، وضمن إطار قانوني مرن وواضح.
تعليقات
0