في عالمٍ لا تزال الحروب تنشب فيه باسم المصالح القومية والصراعات الجيوسياسية، يبدو أن الوقت قد حان لتغيير جذري في منظومة الحكم العالمي. فبدلاً من إعادة إنتاج نُسخ جديدة من “روما الإمبراطورية”، فاشلةً كانت أو مُتغوّلة، لماذا لا نجرب شيئًا أبسط وأكثر عدلاً: ديمقراطية عالمية حقيقية تبدأ من الأمم المتحدة ذاتها؟
نظام ديمقراطي مزدوج… لصوت الشعوب والدول
يُقترح إنشاء برلمان عالمي داخل منظومة الأمم المتحدة يتكون من مجلسين متكاملين:
مجلس الدول: يمنح كل دولة عضو صوتًا واحدًا بشكل متساوٍ، بصرف النظر عن عدد سكانها أو مساحتها.
مجلس السكان: يُوزّع التصويت بحسب عدد سكان كل دولة، مع ضمان حد أدنى لكل دولة صغيرة لئلا تُهمّش.
أي قرار لن يُمرّر إلا إذا حاز أغلبية مزدوجة في المجلسين معًا، على غرار الأنظمة البرلمانية ثنائية الغرف، مما يحقق التوازن بين سيادة الدول وحقوق الشعوب.
كيف تُحسب الأصوات؟ صيغة توازن بين العدالة والفعالية
لتفادي هيمنة الدول الكبرى، يتم اعتماد صيغة رياضية مرنة تجمع بين صوت أساسي ثابت لكل دولة، ووزن إضافي بحسب عدد السكان، لكن بعد تخفيف الأثر عبر “عامل ضغط” يقلل الفوارق بين الكثافات السكانية.
مثلاً:
تحصل الهند على نحو 210 صوتًا.
فرنسا 47 صوتًا.
توفالو الصغيرة 1.6 صوتًا.
بهذه الطريقة، تُحترم أصوات الشعوب دون سحق صوت الدول الصغيرة.
قرارات مصيرية تتطلب إجماعًا أوسع
في القضايا الحساسة مثل التدخلات العسكرية أو تغيّر المناخ، يجب أن تُتخذ القرارات بأغلبية الثلثين في كلا المجلسين، مما يضمن التروي، ويحدّ من القرارات المتهورة التي تميز النظام الحالي.
نهاية لحق النقض؟ بداية لشرعية الشعوب؟
النظام المقترح يهدف لتجاوز أحد أبرز اختلالات الأمم المتحدة: حق الفيتو الذي يجعل مصير العالم رهينًا بإرادة خمس دول فقط. في البرلمان العالمي المقترح، القرار يعود للجميع: الدول والشعوب، كبارًا وصغارًا.
خاتمة: نحو عصر جديد من الحوكمة العالمية
برلمان عالمي ديمقراطي ليس حلمًا طوباويًا، بل ضرورة واقعية في عالم مترابط. إنه خطوة أولى نحو نظام عالمي أكثر عدالة، حيث لا تكون الحرب خيارًا سهلاً، بل قرارًا يخضع لإرادة أغلبية البشرية.
عندما تتحدث الشعوب، يصمت البارود.
فلنمنحها حق الكلام
تعليقات
0