Open Politic|التعليم

جامعة لكل تونسي: ثورة التعليم الجامعي عن بُعد من أجل عدالة معرفية ومستقبل رقمي

Screenshot_20251123_145737_Facebook

في زمن أصبحت فيه المعرفة رأسمالًا حقيقيًا، لم تعد الجامعة حكرًا على من يسكنون المدن الكبرى أو على من يملكون رفاهية التفرغ الكامل للدراسة. بل أصبحت الحاجة ملحّة لتغيير جذري في منظومة التعليم الجامعي، يقطع مع النماذج التقليدية التي أفرزت التفاوت، والانقطاع، واللامساواة.

من هنا، ينبثق هذا المقترح لإرساء منظومة وطنية متكاملة للتعليم الجامعي عن بُعد، لا كحل ترقيعي، بل كخيار استراتيجي يعيد للجامعة دورها المركزي في صُنع التنمية، ويوفّر لكل تونسي حقه في التعلّم، مهما كانت ظروفه الجغرافية أو الاجتماعية.

في ظل التحوّلات العميقة التي يشهدها المجتمع التونسي والتحديات المتعددة التي تواجهها المنظومة الجامعية، يسرّنا أن نتقدّم بهذا المقترح الرامي إلى اعتماد منظومة وطنية متكاملة للتعليم الجامعي عن بُعد، كآلية إصلاحية مستدامة تستجيب لمتطلبات المرحلة وتُعزّز من تكافؤ الفرص وجودة التكوين.

السياق العام:

تشير المؤشرات التربوية والاجتماعية إلى وجود إشكاليات بنيوية في النظام الجامعي الوطني، تتمثل في:

ارتفاع نسب الانقطاع الجامعي، خاصة في صفوف الطلبة المنحدرين من فئات اجتماعية هشة.

الاكتظاظ داخل المؤسسات الجامعية وضعف التجهيزات.

التفاوت الجهوي في توزيع مؤسسات التعليم العالي وجودة التكوين.

عدم قدرة عدد كبير من الطلبة على التوفيق بين العمل والدراسة.

المقترح:

نقترح إرساء منظومة وطنية جامعية للتعليم عن بُعد، تعتمد على تقديم المحتوى البيداغوجي عبر منصات إلكترونية تفاعلية، مدعومة بدروس مسائية مباشرة ومسجلة، مع مواكبة تربوية مستمرة، وإمكانية إجراء الامتحانات حضورياً في مراكز جهوية قريبة من مقر إقامة الطلبة.

أهداف النظام المقترح:

1. تمكين الطلبة من مواصلة تعليمهم دون التخلي عن التزاماتهم المهنية أو الأسرية.

2. توسيع قاعدة الولوج إلى التعليم العالي، خصوصًا في المناطق الداخلية.

3. تعزيز ثقافة التعلّم مدى الحياة ومواكبة التحولات الرقمية.

4. تخفيف الضغط على البنية التحتية الجامعية داخل المدن الكبرى.

5. المساهمة في التقليص من نسب الانقطاع عن الدراسة.

الضمانات ومتطلبات التنفيذ:

توفير بنية تحتية رقمية متينة ومفتوحة أمام جميع الطلبة.

تكوين الأساتذة الجامعيين على بيداغوجيا التعليم الرقمي والتفاعلي.

وضع نظام تقييم متكامل يشمل الامتحانات الحضورية والواجبات الرقمية.

دعم الطلبة من حيث النفاذ إلى الوسائل التقنية (أجهزة، إنترنت، منصات).

اعتماد تنظيم إداري ومالي يُراعي خصوصيات هذا النمط من التعليم.

إنّ إحداث منظومة تعليمية جامعية عن بُعد لا يُعدّ خيارًا تقنيًا فحسب، بل توجّهًا استراتيجيًا يعكس رغبة في تكريس تعليم دامج، عادل، ومتطوّر، يضع الطالب في صلب السياسات العمومية، ويُعيد الاعتبار للجامعة العمومية التونسية كقاطرة للنهوض بالمعرفة والتنمية.

إنّ بناء تونس الغد لا يمرّ فقط عبر البنية التحتية المادية، بل عبر استثمار ذكي في العقول.

واعتماد منظومة وطنية للتعليم الجامعي عن بُعد هو أكثر من مجرد تحديث تقني؛ إنه إعلان ثقة في قدرة شباب تونس على التعلّم، التكيّف، والنجاح.

فلنحوّل الجامعة من مؤسسة مغلقة إلى فضاء مفتوح لكل شرائح المجتمع، ولنجعل من الرقمنة أداة للعدالة لا للتمييز… ومن كل بيت تونسي، فصلاً جامعياً يُنبت الوعي، والكرامة، والأمل.

مواضيع ذات صلة

ثورة رقمية لإنقاذ المدرسة العمومية 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات

0