في بلدٍ أنهكته السياسات المتذبذبة، وغياب الرؤية الموحدة، وتعارض المصالح بين المركز والجهات، أصبح من الضروري إنشاء مؤسسة تُعيد للاقتصاد التونسي بوصلته.
لم يعد كافيًا أن تُدار الملفات الاقتصادية في غرف مغلقة أو وفق مقاربات سياسية ظرفية؛ بل بات لزامًا أن تمتلك الدولة عقلًا اقتصاديًا مستقلًا يقيّم، يراجع، ويقترح، دون خوف من السلطة أو ضغط اللوبيات.
من هنا يولد المجلس الاقتصادي الوطني: إطار جامع، مستقل، يجمع الخبراء والجهات والفاعلين الاجتماعيين، ليصنع رؤية اقتصادية وطنية لا تُبنى على الشعارات، بل على العلم، الأرقام، والمنفعة العامة.
—
المجلس الاقتصادي الوطني
1. يُحدث مجلس اقتصادي وطني مستقل، يُعنى بتقييم السياسات الاقتصادية العامة، وضمان التناسق بين الاستراتيجيات الوطنية والجهوية، واقتراح الإصلاحات الاقتصادية الكبرى.
2. يُركّب المجلس من:
ممثل عن كل مجلس اقتصادي جهوي (ينتخب من داخله).
5 خبراء اقتصاديين مستقلين تُعيّنهم الحكومة بعد استشارة المنظمات المهنية والنقابية.
3 ممثلين عن منظمة الأعراف.
3 ممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل.
ممثل عن البنك المركزي.
ممثل عن هيئة التخطيط والاحصاء أو المعهد الوطني للإحصاء.
ممثل عن المجتمع المدني يُنتخب من منظمات وطنية ذات صبغة اقتصادية واجتماعية.
3. مهام المجلس الاقتصادي الوطني:
مناقشة مشروع الميزانية العامة للدولة قبل عرضه على البرلمان، وإصدار رأي استشاري علني.
تقييم السياسات العمومية في مجالات الشغل، الاستثمار، الفلاحة، الطاقة، والتجارة.
إعداد تقرير سنوي حول الوضع الاقتصادي يُرفع إلى رئيس الجمهورية والبرلمان ويُنشر للعموم.
تنسيق المقترحات الاقتصادية الواردة من المجالس الجهوية وتجميعها في رؤية وطنية متكاملة.
تقديم مقترحات تشريعية أو تنظيمية في المجال الاقتصادي والاجتماعي.
4. الطابع القانوني:
آراء المجلس استشارية لكنها إلزامية في مشاريع القوانين المالية الكبرى والخطط التنموية الوطنية.
يلتزم البرلمان والحكومة بعرض مشاريع القوانين الاقتصادية والاجتماعية على هذا المجلس قبل التصويت أو التفعيل.
5. التركيبة والمدة:
يُنتخب رئيس المجلس من بين أعضائه لولاية من 5 سنوات غير قابلة للتجديد.
تُجدد عضوية المجلس كل 5 سنوات، ويجتمع مرة كل شهر على الأقل، أو بطلب ثلث الأعضاء.
إن تأسيس المجلس الاقتصادي الوطني ليس مجرد إضافة مؤسساتية جديدة، بل هو إعلان قطيعة مع العشوائية الاقتصادية التي أرهقت تونس لعقود.
هو خطوة نحو دولة تُبنى قراراتها على التقييم لا المجاملة، على الخبرة لا الولاءات، وعلى الرؤية الطويلة لا الحلول السطحية.
بهذا المجلس، تستعيد الدولة عقلها، وتستعيد الجهات صوتها، ويستعيد المواطن الثقة بأن الاقتصاد يمكن أن يُدار بشفافية ومسؤولية.
إنه لبنة من لبنات تونس جديدة… تونس تعرف ماذا تريد، وتعرف كيف تصل.


تعليقات
0