تحوّلت الضرائب في تونس من أداة لبناء الدولة إلى سلاح يطعن الاقتصاد في قلبه. شركات تُغلق، استثمارات تهرب، ورأس مال تونسي يبحث عن أوطان بديلة… بينما الحل أمامنا، بسيط وجريء:
إعادة تونس إلى موقعها الطبيعي—جنة ضريبية ذكية وجاذبة، لا منفرة وطاردة.
تونس ليست فقيرة، بل مخنوقة بقوانين تعاقب النجاح وتكافئ الركود. ومثلما فعلت دول صغيرة بلا ثروات طبيعية—سنغافورة، هونغ كونغ، وسويسرا—يمكن لتونس أن تُصبح مركزًا ماليًا واستثماريًا إقليميًا… فقط إن تحرّرت من ثقل الضرائب المُعطلة.
حان وقت الانقلاب الاقتصادي الهادئ بالاصلاح الضريبي
بدايتا من توحيد ضريبة الشركات في 20% وإلغاء الضرائب المتناثرة التي خنقت الاستثمار، بما في ذلك TVA على غرار نماذج أمريكية ناجحة. نبقي TVA فقط على السلع التي اقل من 75 % من مكونات قيمتها المضافة تونسية (اي السلع الاجنبية بسبب المعاملة بالمثل )
إعفاء توزيعات الأرباح: مدخل استراتيجي لإنعاش الاستثمار وتحريك رأس المال الوطني
إنّ فرض ضرائب إضافية على توزيعات الأرباح بعد أن تكون الشركات قد سدّدت مسبقًا الضريبة على أرباحها، يمثل أحد أبرز العوائق أمام إعادة الاستثمار وتحريك رأس المال المحلي. ولذلك، تدعو هذه المقاربة إلى اعتماد سياسة أكثر ذكاءً تقوم على إعفاء توزيعات الأرباح من الضرائب أو تخفيفها بشكل جذري، أسوةً بتجارب ناجحة مثل هونغ كونغ وسنغافورة (تونس تشبههما في موقعها الجغرافي )، أو حتى الذهاب أبعد من ذلك باعتماد النموذج الإستوني القائم على مبدأ واضح:
> لا ضريبة على الأرباح ما دامت داخل الشركة، وتُفرض الضريبة فقط عند توزيعها بين المساهمين.
هذا التوجه لا يُعدّ تساهلاً ضريبياً، بل هو خيار استراتيجي لتحفيز الاستثمار، تشجيع التراكم الرأسمالي، وخلق ديناميكية اقتصادية مستدامة.
—
الدرس السويسري: دولة بلا ثروات… واقتصاد قوي
عندما ندرس التجربة السويسرية — وهي من أنجح اقتصاديات العالم رغم غياب الثروات الطبيعية — نلاحظ حقيقة بالغة الدلالة:
أغلب مداخيل الدولة تأتي من:
الضرائب على الأجور (المصدر الرئيسي)
حوالي 30% من الضريبة على القيمة المضافة رغم أنها منخفضة جدًا (بين 2% و8%)
فقط حوالي 20% من الضرائب على أرباح الشركات
ومع ذلك، تحتضن سويسرا أكبر الشركات العالمية، ويقوم اقتصادها بالكامل تقريبًا على القطاع الخاص، الذي يمثل العمود الفقري للناتج القومي الخام.
هذه المعادلة تكشف حقيقة جوهرية:
الدولة لا تربح من إرهاق الشركات بالضرائب، بل من ازدهارها، لأن ازدهارها يخلق مواطن شغل أكثر، ومواطن الشغل تخلق أجوراً أكثر، والأجور تولّد تلقائياً مداخيل ضريبية أعلى للدولة.
هذا الإصلاح يفتح الباب أمام بيئة استثمارية نظيفة، متوقعة، وجاذبة للأسواق العالمية.


تعليقات
0