لم يعد مستقبل تونس الاقتصادي رهن الشعارات العامة أو الوعود الفضفاضة، بل أصبح مرتبطًا بقدرتها على التحول إلى دولة مُصدّرة فعليًا، قادرة على خلق الثروة عبر الإنتاج لا الجباية، وعبر الابتكار لا البيروقراطية.
لقد أثبتت التجارب العالمية أن الدول الصغيرة محدودة الموارد — مثل تونس — لا تنجح إلا عندما تنفتح على العالم، وتُحوّل جغرافيتها وكفاءاتها إلى قيمة اقتصادية مضافة.
ولأن التصدير هو الطريق الوحيد لتحقيق قفزة اقتصادية حقيقية، يأتي هذا البرنامج “تونس المصدّرة” ليضع الأسس العملية لتغيير جذري:
تحرير الاستثمار، تبسيط الإجراءات، رقمنة التجارة، دعم الشركات الصغرى والمتوسطة، وفتح الأبواب أمام الحسابات بالعملة والكريبتو دون التفريط في السيادة النقدية.
إنه مشروع واقعي، مبني على خطوات تدريجية دقيقة، هدفه أن تصبح تونس منصة إنتاج وتصدير تربط أفريقيا بأوروبا، وتستعيد مكانتها الاقتصادية الطبيعية.
البرنامج الاقتصادي: “تونس المصدّرة”
المحور 1: تحرير وتبسيط التصدير
• العودة إلى إعفاء ضريبي تام (0%) على الأرباح المتأتية من التصدير.
• إنشاء ممر جمركي سريع للشركات المُصدّرة، مع تتبع إلكتروني وشفافية في الإجراءات.
• خفض أسعار الطرود البريدية الدولية بشكل جذري، مع دعم مباشر من الدولة بنسبة تصل إلى 50% للشركات الصغرى والمتوسطة.
المحور 2: فتح تدريجي للحسابات بالعملة الصعبة والكريبتو
• تمكين كل شركة تونسية مُصدّرة (حتى الشركات الفردية) من:
• فتح حساب باليورو أو بالدولار في بنك تونسي معتمد.
• فتح حساب كريبتو في منصات رقمية مرخّصة في تونس.
• يتم ضبط هذه الحسابات وفق مراحل:
• السقف الأولي: 5,000 يورو/شهر.
• بعد 6 أشهر من نشاط قانوني موثّق: 15,000 يورو/شهر.
• تقييم سنوي لأداء التصدير لتعديل السقف تدريجيًا.
المحور 3: التحكم في خروج العملة
• يُمنع السحب النقدي من الحسابات بالعملات الأجنبية.
• يُسمح فقط بالتحويل:
• إلى حسابات مصرفية لشركات أجنبية مرتبطة بالتجارة (موردين، وسطاء، موزعين).
• إلى أشخاص أجانب يُثبت دورهم في تسهيل التصدير (وكيل، شريك بالخارج…).
المحور 4: تشجيع الابتكار والمنصات التونسية
• دعم منصات كريبتو تونسية تستجيب للمعايير الدولية.
• منح تراخيص وتشجيع منصات تونسية للتجارة الدولية الإلكترونية (بما فيها عبر كريبتو).
• دعم تقني ومادي للشركات الناشئة ذات الطابع التصديري.
المحور 5: استقلالية شركات التصدير الصغرى
• تمكين الشركات الفردية أو الصغيرة (auto-entrepreneurs) من:
• تصدير دون الحاجة إلى وساطة بيروقراطية.
• الحصول على رقم جمركي شخصي عبر منصة إلكترونية.
• دفع الضرائب عبر آلية مبسطة وشفافة.
الهدف العام
تحويل تونس إلى منصة إنتاج وتصدير رقمية وواقعية، تنفتح على الأسواق الأوروبية والأفريقية دون أن تفقد سيطرتها على توازنها النقدي.
للدولة أن تدعم الطرود البريدية الموجهة للتصدير بـ50% بطريقة عملية و قانونية عبر الآلية التالية:
آلية الدعم المباشر لأسعار الطرود البريدية:
1. اتفاقية بين الدولة والبريد التونسي أو شركات شحن خاصة
• تُوقّع اتفاقية بين وزارة التجارة و/أو وزارة الاقتصاد ومؤسسة البريد التونسي (أو شركات شحن معتمدة) لتطبيق تخفيض مدعوم بنسبة 50% من سعر إرسال الطرود إلى الخارج لصالح المصدّرين الصغار والمتوسطين.
2. إطلاق منصة إلكترونية للمصدّرين المسجّلين
• يُسجّل المصدرون (أفراد أو شركات) في منصة حكومية إلكترونية مخصصة لـ”دعم التصدير الصغير”.
• يتم ربط المنصة إلكترونيًا بالبريد التونسي.
• المصدر يحصل على كود دعم إلكتروني عند حجز الطرد، يُطبّق تلقائيًا على السعر.
3. دفع الفرق من ميزانية الدولة مباشرة
• البريد يُصدر فاتورة بسعر مخفّض (مثلاً طرد بـ100 دينار → يُدفع منه فقط 50).
• ترسل مؤسسة البريد كشفًا شهريًا بعدد الطرود المدعومة وتكلفتها.
• وزارة المالية تُحوّل الفارق (50 دينار/طرد) مباشرة إلى مؤسسة البريد.
4. شروط الاستفادة
• يكون الدعم محدودًا بحد أقصى شهري (مثلاً 20 طردًا/شهر لكل شركة).
• يُخصص فقط للطرود الموجهة لتصدير منتجات تونسية فعلية (ليس للاستهلاك الشخصي).
• يُمنع التلاعب عبر التحقق العشوائي من المحتوى والطرف المستلم.
مزايا هذه الطريقة
• شفافة وسريعة دون بيروقراطية.
• لا تُكلف المصدر عناء الورق والتعويض.
• تُحفّز التصدير الرقمي والحرفي والفردي.
إن برنامج “تونس المصدّرة” ليس مجرد إصلاح تقني أو رؤية اقتصادية منعزلة، بل هو مقاربة شاملة لبناء نموذج جديد للتنمية: نموذج يقوم على التنافسية، والانفتاح، والرقمنة، مع حماية التوازنات المالية للدولة.
فتح الحسابات بالعملات الصعبة، وتبسيط الإجراءات الجبائية، وتشجيع الكريبتو، ودعم منصات التجارة الإلكترونية، ليست مغامرة… بل هي الوسيلة الوحيدة اليوم للحاق بالعالم الذي تغير بسرعة.
تونس لن تنجح بالجباية الثقيلة، ولا بالبيروقراطية، ولا بالاستهلاك الداخلي المحدود، وإنما ستنجح فقط عندما تُنتج وتُصدّر، وعندما يتحول كل تونسي قادر على الابتكار والعمل إلى مُصدر محتمل.
هذه ليست رؤية بعيدة ولا حلمًا طوباويًا، بل مسار عملي يمكن إطلاقه فورًا، خطوة بعد خطوة.
وإذا تم تنفيذه بذكاء وبجرأة، فستصبح تونس خلال سنوات قليلة بلدًا يُصدّر أكثر مما يستهلك، ويُنتج أكثر مما يستورد، ويُنافس بدل أن يطلب المساعدة.
المستقبل ليس هبة…
المستقبل يُصنع.
وهذا البرنامج هو أول خطوة في صناعته.


تعليقات
0