جاء هذا المشروع القانوني في إطار رؤية واضحة تهدف إلى إنهاء حالة التشتت السياسي وتفتيت المشهد البرلماني، وذلك عبر وضع قواعد انتخابية صارمة تضمن بروز أغلبية حقيقية قادرة على الحكم، لا مجرد فسيفساء من الكتل المتصارعة التي تُعطّل القرار الوطني.
فالاستقرار الديمقراطي لا يتحقق بالشعارات، بل بانتخابات شفافة تنتج ممثلين يتحملون مسؤولياتهم، ضمن نظام انتخابي واضح، وتمويل نظيف، ورقابة مستقلة. لذلك يهدف هذا القانون إلى حماية الإرادة الشعبية، ومنع الفساد الانتخابي، وفي الوقت نفسه تمكين البلاد من سلطة تشريعية متماسكة وقادرة على اتخاذ القرار.
القانون الانتخابي للانتخابات البرلمانية
الفصل الأول: شروط الترشح للانتخابات البرلمانية
• يُشترط في كل مترشح لعضوية البرلمان أن:
• تونسي الجنسية
• يكون متمتعًا بكامل حقوقه المدنية والسياسية.
• لم تصدر في حقه أحكام جزائية باتة تتعلق بالفساد أو الجرائم المالية أو الأخلاقية.
• يقدّم شهادة من الإدارة الجبائية للبلد المقيم فيه تثبت تصريحه بمداخيله .
• يرفق بملف الترشح تقريرًا طبيًا من لجنة صحية مستقلة تثبت سلامته الجسدية والعقلية.
• يمنع من الترشح كل من:
• شغل تنفيذياً الجيش خلال الأشهر الستة السابقة للانتخابات.
• ثبت استغلاله لأموال عمومية أو مناصب إدارية لتحقيق مكاسب انتخابية.
الفصل الثاني: نظام الاقتراع
• تُنظم الانتخابات البرلمانية على أساس الاقتراع الفردي في دوائر انتخابية محلية.
• يُجرى الاقتراع على دورة أو دورتين:
• في الدورة الأولى، يُعلن فائزًا كل مرشح يحصل على أكثر من 50% من الأصوات المصرّح بها.
• إذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة، يُنظم دور ثانٍ بين المرشحيْن الحاصلين على أعلى عدد من الأصوات.
• في الدورة الثانية، يُعتبر فائزًا من يتحصل على النسبة الأعلى من الأصوات مهما كانت.
الفصل الثالث: تمويل الحملات الانتخابية
• يُموّل المترشح حملته الانتخابية ذاتياً أو عن طريق تبرعات فردية شفافة، ويُمنع التمويل الخارجي أو المجهول المصدر.
• تُقدّم الدولة تعويضًا ماليًا جزئيًا لكل مترشح تحصّل على نسبة تفوق 5% من الأصوات في دائرته، ويُحدد المبلغ حسب سقف يُضبط بقانون تكميلي.
• يخضع كل مترشح لتدقيق مالي بعد الانتخابات من قبل هيئة محاسبة انتخابية مستقلة.
• يُمنع الإنفاق خلال الحملة الانتخابية إلا بواسطة حساب بنكي وحيد مخصص لذلك.
الفصل الرابع: النزاهة والرقابة
• تُشرف على الانتخابات هيئة عليا مستقلة للانتخابات تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وتراقب سير الاقتراع وتمويل الحملات.
• تعتمد الانتخابات على:
• السجل الانتخابي الرقمي.
• بطاقة انتخاب إلكترونية أو ورقية مؤمّنة.
• فرز يدوي ورقمي متزامن بحضور ممثلي المترشحين والمراقبين.
• تُسجّل كل الطعون الانتخابية لدى محكمة انتخابية عليا، وتُبتّ فيها في أجل لا يتجاوز 15 يومًا من تاريخ الإعلان عن النتائج.
بهذا الإطار القانوني، تصبح الانتخابات البرلمانية أداة فعّالة لإفراز أغلبية سياسية مستقرة، تحكم بوضوح وتتحمل مسؤولية اختياراتها أمام الناخبين. فالقانون لا يكتفي بمحاربة المال الفاسد وضمان الشفافية، بل يسعى كذلك إلى إعادة هندسة العملية الانتخابية لتخدم الاستقرار وتمنع الفوضى البرلمانية التي عطّلت البلاد لسنوات.
إن اعتماد هذا النص يمثّل خطوة جريئة نحو برلمان قوي، وحكومة تستند إلى أغلبية واضحة، ونظام ديمقراطي قادر على اتخاذ القرار وتنفيذ السياسات دون ابتزاز أو شلل سياسي.


تعليقات
0