بعد عودة الديمقراطية في تونس، و نهاية الدكتاتورية الحالية ارى انه آن الأوان أن نعيد صياغة علاقتنا بالقانون، لا فقط كأداة للردع والعقاب، بل كوسيلة للعدالة الوقائية، التي تحمي الإنسان في أضعف حالاته، وتمنع الجريمة قبل أن تقع، لا بعد أن تقع وتُخلّف دمارًا في النفوس والعلاقات.
إن النموذج الإسباني في حماية المرأة من العنف الزوجي يُعد خطوة متقدمة نحو هذا المفهوم، حيث يُخوَّل للشرطة توقيف الزوج المتهم بالعنف المنزلي لمدة 48 ساعة بمجرد وجود مؤشرات على ذلك، كعلامات التعنيف الجسدي، ثم يُبعد قسرًا عن الزوجة إلى حين البتّ في القضية.
لكن، رغم نجاعة هذا القانون، إلا أن حصره فقط في العلاقة الزوجية وفي فئة النساء، يطرح إشكالية أخلاقية وقانونية: ماذا عن بقية الفئات الضعيفة؟ ماذا عن الأطفال؟ العجَزة؟ المرضى؟ أو حتى رجال يُعتدى عليهم من طرف أقوى منهم بدنيًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا؟ هل ننتظر أن يُسفك دمهم أو تتحطم أرواحهم كي نبدأ في التحقيقات؟
من هنا، أرى أنه من الواجب اقتراح قانون تونسي لحماية الفئات الضعيفة، قانون يتعامل مع القوة والضعف كمعايير إنسانية لا جندرية، ويُخول للسلطات، عند وجود مؤشرات واضحة، أن تقوم بإيقاف تحفظي للمعتدي، ليس انتقامًا منه، بل حمايةً للضحية وضمانًا لسلامة المجتمع.
وفق هذا القانون، يصبح من الممكن إيقاف أي شخص، مهما كان جنسه أو عمره، إن ثبت أنه اعتدى على طرف أضعف، سواء بالمعايير البدنية، أو العقلية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية. فإن قام شاب عشريني بضرب رجل مسن، يتم تطبيق القانون. وإن اعتدت أم على طفلها الصغير، أو زوجة على زوجها المريض، أو شخص قوي البنية على إنسان ضعيف، فإن تدخل الدولة يصبح واجبًا وقائيًا، لا انتظاريًا.
هذا ليس فقط قانونًا، بل فلسفة مجتمعية جديدة، تؤمن بأن الحماية حق إنساني، وأن العدل لا يتحقق إلا إذا كان شاملًا، لا انتقائيًا.
إن تونس ما بعد الثورة، إن أرادت أن تبني دولة قانون حقيقية، فعليها أن تقف دائمًا في صفّ الأضعف، لا لأن الضعف قيمة في حد ذاته، بل لأن القوة حين لا تُردع، تتحول إلى طغيان.
—
مشروع قانون لحماية الفئات الضعيفة من العنف
الفصل الأول: الهدف
يهدف هذا القانون إلى:
حماية الفئات الضعيفة في المجتمع من جميع أشكال العنف.
اتخاذ تدابير وقائية عاجلة لحماية الضحايا قبل صدور الأحكام القضائية النهائية.
ضمان المساواة في الحماية بغض النظر عن الجنس أو السن أو الوضع الصحي أو الاقتصادي.
—
الفصل الثاني: تعريف الفئات الضعيفة
يقصد بالفئات الضعيفة في هذا القانون:
الأطفال دون سن 18 سنة.
كبار السن (فوق 65 سنة) أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو الأمراض الجسدية أو النفسية المُقعدة.
النساء أو الرجال المعرضون للعنف في إطار علاقات هيمنة (زوجية، عائلية، مهنية…).
أي شخص في وضعية ضعف بدني أو اجتماعي أو اقتصادي مقارنة بالمعتدي.
—
الفصل الثالث: إجراءات الحماية الوقائية
1. يمكن للسلطات الأمنية، في حالة وجود علامات واضحة للعنف (جروح، شهادات، تسجيلات…)، أن تقوم بإيقاف المعتدي تحفظيًا لمدة أقصاها 48 ساعة قابلة للتجديد بأمر قضائي.
2. يمكن إصدار أمر فوري بإبعاد المشتبه به عن الضحية، ومنعه من الاتصال بها أو الاقتراب منها لمسافة تُحددها المحكمة.
3. تُوفر الدولة للضحية دعمًا نفسيًا وطبيًا واجتماعيًا فوريًا.
—
الفصل الرابع: المسار القضائي السريع
1. تُنشأ وحدات متخصصة لدى النيابات العامة والمحاكم للنظر في قضايا العنف ضد الفئات الضعيفة.
2. تُمنح هذه القضايا أولوية قصوى في المعالجة والتتبع.
—
الفصل الخامس: العقوبات
1. تُشدد العقوبات في حال ثبت أن المعتدي استغل ضعف الضحية (السن، الإعاقة، التبعية الاقتصادية…).
2. يُعتبر التكرار أو الإصرار على الاتصال بالضحية رغم قرار الحماية ظرفًا مشددًا للعقوبة.
—
الفصل السادس: آليات المراقبة والتقييم
1. يُحدث “المرصد الوطني لحماية الفئات الضعيفة من العنف” لمراقبة تطبيق هذا القانون، وجمع البيانات، وتقديم تقارير سنوية للبرلمان.
2. تُخصص وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة العدل موارد بشرية ومالية لتنفيذ هذا القانون.
—
بعد عودة الديمقراطية في تونس، و نهاية الدكتاتورية الحالية ارى انه آن الأوان أن نعيد صياغة علاقتنا بالقانون، لا فقط كأداة للردع والعقاب، بل كوسيلة للعدالة الوقائية، التي تحمي الإنسان في أضعف حالاته، وتمنع الجريمة قبل أن تقع، لا بعد أن تقع وتُخلّف دمارًا في النفوس والعلاقات.
إن النموذج الإسباني في حماية المرأة من العنف الزوجي يُعد خطوة متقدمة نحو هذا المفهوم، حيث يُخوَّل للشرطة توقيف الزوج المتهم بالعنف المنزلي لمدة 48 ساعة بمجرد وجود مؤشرات على ذلك، كعلامات التعنيف الجسدي، ثم يُبعد قسرًا عن الزوجة إلى حين البتّ في القضية.
لكن، رغم نجاعة هذا القانون، إلا أن حصره فقط في العلاقة الزوجية وفي فئة النساء، يطرح إشكالية أخلاقية وقانونية: ماذا عن بقية الفئات الضعيفة؟ ماذا عن الأطفال؟ العجَزة؟ المرضى؟ أو حتى رجال يُعتدى عليهم من طرف أقوى منهم بدنيًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا؟ هل ننتظر أن يُسفك دمهم أو تتحطم أرواحهم كي نبدأ في التحقيقات؟
من هنا، أرى أنه من الواجب اقتراح قانون تونسي لحماية الفئات الضعيفة، قانون يتعامل مع القوة والضعف كمعايير إنسانية لا جندرية، ويُخول للسلطات، عند وجود مؤشرات واضحة، أن تقوم بإيقاف تحفظي للمعتدي، ليس انتقامًا منه، بل حمايةً للضحية وضمانًا لسلامة المجتمع.
وفق هذا القانون، يصبح من الممكن إيقاف أي شخص، مهما كان جنسه أو عمره، إن ثبت أنه اعتدى على طرف أضعف، سواء بالمعايير البدنية، أو العقلية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية. فإن قام شاب عشريني بضرب رجل مسن، يتم تطبيق القانون. وإن اعتدت أم على طفلها الصغير، أو زوجة على زوجها المريض، أو شخص قوي البنية على إنسان ضعيف، فإن تدخل الدولة يصبح واجبًا وقائيًا، لا انتظاريًا.
هذا ليس فقط قانونًا، بل فلسفة مجتمعية جديدة، تؤمن بأن الحماية حق إنساني، وأن العدل لا يتحقق إلا إذا كان شاملًا، لا انتقائيًا.
إن تونس ما بعد الثورة، إن أرادت أن تبني دولة قانون حقيقية، فعليها أن تقف دائمًا في صفّ الأضعف، لا لأن الضعف قيمة في حد ذاته، بل لأن القوة حين لا تُردع، تتحول إلى طغيان.
—
مشروع قانون لحماية الفئات الضعيفة من العنف
الفصل الأول: الهدف
يهدف هذا القانون إلى:
حماية الفئات الضعيفة في المجتمع من جميع أشكال العنف.
اتخاذ تدابير وقائية عاجلة لحماية الضحايا قبل صدور الأحكام القضائية النهائية.
ضمان المساواة في الحماية بغض النظر عن الجنس أو السن أو الوضع الصحي أو الاقتصادي.
—
الفصل الثاني: تعريف الفئات الضعيفة
يقصد بالفئات الضعيفة في هذا القانون:
الأطفال دون سن 18 سنة.
كبار السن (فوق 65 سنة) أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو الأمراض الجسدية أو النفسية المُقعدة.
النساء أو الرجال المعرضون للعنف في إطار علاقات هيمنة (زوجية، عائلية، مهنية…).
أي شخص في وضعية ضعف بدني أو اجتماعي أو اقتصادي مقارنة بالمعتدي.
—
الفصل الثالث: إجراءات الحماية الوقائية
1. يمكن للسلطات الأمنية، في حالة وجود علامات واضحة للعنف (جروح، شهادات، تسجيلات…)، أن تقوم بإيقاف المعتدي تحفظيًا لمدة أقصاها 48 ساعة قابلة للتجديد بأمر قضائي.
2. يمكن إصدار أمر فوري بإبعاد المشتبه به عن الضحية، ومنعه من الاتصال بها أو الاقتراب منها لمسافة تُحددها المحكمة.
3. تُوفر الدولة للضحية دعمًا نفسيًا وطبيًا واجتماعيًا فوريًا.
—
الفصل الرابع: المسار القضائي السريع
1. تُنشأ وحدات متخصصة لدى النيابات العامة والمحاكم للنظر في قضايا العنف ضد الفئات الضعيفة.
2. تُمنح هذه القضايا أولوية قصوى في المعالجة والتتبع.
—
الفصل الخامس: العقوبات
1. تُشدد العقوبات في حال ثبت أن المعتدي استغل ضعف الضحية (السن، الإعاقة، التبعية الاقتصادية…).
2. يُعتبر التكرار أو الإصرار على الاتصال بالضحية رغم قرار الحماية ظرفًا مشددًا للعقوبة.
—
الفصل السادس: آليات المراقبة والتقييم
1. يُحدث “المرصد الوطني لحماية الفئات الضعيفة من العنف” لمراقبة تطبيق هذا القانون، وجمع البيانات، وتقديم تقارير سنوية للبرلمان.
2. تُخصص وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة العدل موارد بشرية ومالية لتنفيذ هذا القانون.
—
الفصل السابع: المسؤولية القانونية عن البلاغ الكاذب
1. إذا ثبت من خلال التحقيق أو الأحكام القضائية أن الشخص المُبلّغ قد قدّم شكاية كيدية أو بلاغًا كاذبًا بنيّة الإضرار بالمُشتكى به، تُسلّط عليه عقوبة سجنية تتراوح بين ستة (6) أشهر وثلاث (3) سنوات، وغرامة مالية تُقدّرها المحكمة حسب جسامة الضرر المعنوي أو المادي.
2. تُضاعف العقوبة إذا تسبّب البلاغ الكاذب في:
الإيقاف التحفظي غير المبرّر للمشتكى به.
فقدانه لعمله أو مسكنه.
تشويه سمعته في محيطه المهني أو الاجتماعي.
3. يُعتبر البلاغ الكاذب ظرفًا مشددًا في حال تكراره من نفس الشخص، أو إذا تم باستخدام وسائل إعلام أو شبكات تواصل اجتماعي.
4. لا تُتخذ هذه الإجراءات ضد المُبلّغ إلا بعد صدور حكم قضائي نهائي يُثبت كذب الشكاية أو البلاغ
تعليقات
0