الصفحة الرئيسية|الجمهورية

نعم لتحمّل مسؤولية الحكم، لا للتغوّل على الدولة

file_000000001a58620a81fd13b34972330f

النظام الرئاسي الذي يتضمن رئيس وزراء أو حكومة هو نظام فاشل للأسباب التالية:

1. عبء مالي زائد: هذا النظام يتطلب تخصيص ميزانيتين منفصلتين، واحدة للرئاسة وأخرى للحكومة، مما يزيد من الأعباء المالية على الدولة.

2. تهرب الرئيس من المسؤولية: يسمح هذا النظام للرئيس بالاختباء وراء رئيس الوزراء أو الحكومة، مما يمكنه من التنصل من مسؤولياته المباشرة في إدارة شؤون البلاد.

3. ضعف دقة المعلومات: بما أن الرئيس لا يترأس مجلس الوزراء بنفسه، فإن المعلومات تصل إليه بطريقة غير مباشرة، عبر مستشاريه أو رئيس الوزراء، وهو ما يُعرف بالفرنسية بـ téléphone arabe (الهاتف العربي). هذا الأمر يجعل المعلومات عرضة للتأويل والتحريف، مما يقلل من دقتها.

4. غياب نائب الرئيس يُهدد استقرار الحكم: في النظام الرئاسي، يعد نائب الرئيس عنصرًا أساسياً يضمن استمرارية الحكم. فعندما يختار الرئيس نائبًا يثق به، يضمن بذلك انتقالاً سلسًا للسلطة في حال وفاته أو مرضه، مما يعزز استقرار الدولة.

هذا النظام السياسي هو إرث من حركة النهضة، التي كانت تسعى إلى رئيس صوري منتخب تتحكم فيه كما تشاء. ولكن المفارقة أن قيس سعيّد واصل العمل بهذا النظام مع تعديل طفيف، حيث استبدل رئيس الحكومة، الذي كان يُنتخب من قبل البرلمان ويُختار من الحزب الفائز في الانتخابات، برئيس وزراء يعيّنه مباشرة، ليصبح مجرد دمية في يده.

المشكلة الأساسية تكمن في أن هذا النظام، الذي تحدثتُ عن عيوبه سابقًا، هو نسخة فاشلة من النظام الفرنسي، وهو كارثي للغاية. وأكبر دليل على ذلك هو فشله حتى في دولة ديمقراطية كفرنسا، فما بالك في تونس؟من وجهة نظري، لا يمكن لتونس أن تنهض إلا بعودتها إلى الديمقراطية، ولكن عبر نظام رئاسي حقيقي مشابه للنظام الأميركي، لأنه أكثر قوة وفعالية، وأقل تكلفة، وأكثر استقرارًا ونجاعة.ومع ذلك، يحتاج هذا النظام إلى تعديل إضافي يتمثل في إدخال المبادرة الشعبية، على غرار النظام السويسري، بحيث يتمكن الشعب، عبر جمع عدد معين من التوقيعات، من فرض استفتاء عام على قوانين جديدة أو لإلغاء قوانين قديمة، دون أن يتعارض ذلك مع الدستور.

ضمانًا لدقة التشريعات وفعالية الديمقراطية المباشرة، يجب أن يُعاد عرض أي قانون جديد، تمت الموافقة عليه عبر استفتاء، على استفتاء آخر بعد خمس سنوات للأسباب التالية:

1. فشل التجربة أو القانون: بعض القوانين قد تثبت عدم فعاليتها بعد تطبيقها، لذا يجب أن تتاح للشعب فرصة مراجعتها.

2. تفادي تأثير المال والإعلام: بعض اللوبيات قد تستغل نفوذها للتأثير على الرأي العام، لذا يجب منح الشعب فرصة ثانية لإعادة النظر بعيدًا عن الضغوطات الأولى.

3. تقليص المخاوف من الاستفتاءات: بما أن القرارات ليست نهائية ويمكن تعديلها مستقبلاً، يقل التوتر السياسي والاستقطاب حولها، مما يعزز الثقة في الديمقراطية المباشرة.

إن بناء نظام سياسي ناجح في تونس لا يكون عبر استنساخ تجارب فاشلة، بل من خلال تصميم نموذج يحفظ الديمقراطية، ويحقق الاستقرار، ويضمن فاعلية الحكم. النظام الرئاسي الحقيقي، المدعوم بالمبادرة الشعبية، سيمنح السلطة للشعب مباشرة، ويضمن استمرار الحكم دون ارتباك أو هيمنة جماعات معينة. الديمقراطية لا تكون فقط عبر الانتخابات، بل أيضًا عبر آليات تضمن مراجعة القرارات وتصحيح الأخطاء. تونس تحتاج إلى رؤية سياسية جديدة، لا مجرد ترقيعات لأنظمة أثبتت فشلها

مواضيع ذات صلة

القانون الانتخابي البرلماني

الحرس الجمهوري لحماية الدستور

اللجان الاستقصائية لكشف الحقيقة

المبادرة الشعبية مدخل لديمقراطية مباشرة

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات

0