في عالم عربي أنهكته النماذج المستوردة والانقلابات المتكررة، وفشلت فيه مشاريع الإسلام السياسي كما فشلت النُسَخ المشوّهة من العلمانية، تبرز الحاجة إلى مسار ثالث: مسار ينبع من التجربة والمنطق، لا من التقليد أو الإقصاء.هذه المبادرة لا تسعى إلى سلطة، ولا تُقدّم نفسها كبديل انتخابي، بل كفضاء مفتوح لتطوير أفكار قابلة للتطبيق، يستفيد منها الجميع، وتُبنى على مبدأ بسيط: الشعب هو مصدر الشرعية، والتجربة هي معيار النجاعة.التاريخ الإسلامي، رغم بداياته القوية، عرف اضطرابات مزمنة: فتن، انقلابات، وثورات استقلالية لا تُحصى. وفي المقابل، أثبتت بعض النماذج الديمقراطية الحديثة، رغم عيوبها، قدرة أكبر على الاستقرار والتداول السلمي على السلطة.من هنا، تنطلق “المنطقية التجريبية” كأيديولوجيا بديلة: لا تقدّس النصوص، ولا تستنسخ التجارب الأجنبية، بل تعتمد العقل، والحوار، والتجربة الملموسة كأدوات لتطوير الحكم. لا شيء يُمنع من النقاش، ولا قانون يُحكم عليه قبل أن يُجرَّب.في هذا السياق، لا مكان للزعيم الفرد، بل لعقل جماعي يُشبه سرب السردين: كائنات صغيرة تنجو بتفاعلها وانسجامها، لا بقائد مفترس يقودها. النموذج السياسي المقترح ليس دولة الرجل الواحد، بل دولة المؤسسات والعقول المتعاونة.
الدولة العصرية : رؤية عقلانية لعالم عربي جديد

تعليقات
0